النخبة الكروية والسلبية

سورة ق من السور المكية التي تحمل في آياتها معاني عميقة عن عظمة الخلق، وقدرة الله تعالى، وحقيقة البعث بعد الموت. تبدأ السورة بالحرف المقطَّع "ق"، وهو من الحروف التي افتتحت بها بعض السور القرآنية، مما يلفت انتباه القارئ إلى أهمية ما سيأتي من كلام الله العظيم. سورةقتأملاتفيعظمةالخلقودلالاتالبعث

عظمة الخلق وتدبير الأمر

تتحدث سورة ق عن دلائل القدرة الإلهية في الكون، حيث يقول الله تعالى: "أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ" (ق: 6). هذه الآية تذكر الإنسان بالنظر إلى السماء وما فيها من عظمة وإتقان، مما يدل على أن خالقها هو الله القادر على كل شيء.

كما تذكر السورة نعم الأرض وما فيها من خيرات، مثل النبات والماء، مما يدل على رحمة الله بعباده وتدبيره لأمرهم. فكل شيء في الكون يسير وفق تقدير حكيم، وهذا يوجب على الإنسان أن يتفكر في عظمة الخالق ويشكره على نعمه.

إنكار الكفار وحقيقة البعث

تعرض السورة موقف الكفار من فكرة البعث بعد الموت، حيث يستبعدون ذلك ويستهزئون به، كما في قوله تعالى: "بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ * أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ" (ق: 2-3). لكن الله يرد عليهم بأنه قادر على إحياء الموتى كما خلقهم أول مرة، فهو الذي خلق السماوات والأرض وهو على كل شيء قدير.

يوم القيامة ومصير الإنسان

تتناول السورة مشاهد من يوم القيامة، حيث يُبعث الناس من قبورهم ليحاسبوا على أعمالهم. يقول الله تعالى: "وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ" (ق: 20-21). في ذلك اليوم، لا يغني عن الإنسان إلا عمله الصالح، وسيحاسب على كل صغيرة وكبيرة.

وتختتم السورة بتذكير الإنسان بالموت والحساب، وتحثه على الاستعداد لهذا اليوم بالإيمان والعمل الصالح: "فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ" (ق: 45). فالقرآن هو النور الذي يهدي إلى الحق، والذكرى للمتقين الذين يخشون لقاء ربهم.

خاتمة

سورة ق تذكر الإنسان بعظمة الخالق، وتنذره بيوم الحساب، وتدعوه إلى التأمل في آيات الله في الكون وفي نفسه. فهي سورة عظيمة تزرع في القلب الخشية من الله، وتشحذ الهمة للعمل الصالح استعدادًا للآخرة.